منصة إيفاد العلمية
تدوينات د. يحيى أحمد أعرج
صورة التدوينة
المسئولية الاجتماعية للمنظمات/ ما بين التراضي أو الإجبار
إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية بشكل عام هي نظرية أخلاقية، تعني بأن أي كيان، سواء كان منظمة أو شركة أو فرداً، يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل، بمعنى هي أمر طوعي على كل من يمارس نشاط إنتاجي أو خدمي أو صناعي وما إلى ذلك،،، القيام بتقديم ما يخدم المصلحة العامة للحفاظ على التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي والاجتماعي.
وتخصيصاً إن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للبيئة المحيطة للمنظمات تحديداً يقضي بأن أي منظمة يجب أن لا تكتفي باستغلال الموارد المتاحة لها بما يخدم أهدافها الاقتصادية فقط، بل إن مسؤوليتها تمتد إلى مواجهة المتطلبات الاجتماعية، والتي تؤدي لاكتساب ثقة الجمهور ورضا المستهلكين، وهو ما يساعد في خدمة أهداف المنشأة الاقتصادية.
وحيث إن هناك عدة تعريفات للمسؤولية الاجتماعية للمنظمات، تختلف باختلاف وجهات النظر في تحديد شكل هذه المسؤولية. فالبعض يراها بمثابة تذكير للمنظمات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع. ويرى آخرون أنها صورة من صور الملاءمة الاجتماعية الواجبة على المنظمات. إلا أن كل هذه الآراء تتفق من حيث مضمون هذا المفهوم الآتي حيث عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية على أنها "الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل".
من المتفق عليه أن المنظمات التجارية والاقتصادية والمالية الوطنية والدولية، على حد سواء، ليست بشركات خيرية وأن هاجسها الأول تحقيق أكبر عائد من الربح على أصحابها. ومن هنا تبلورت فكرة وجوب تذكير المنظمات بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية حتى لا يكون تحقيق الربح عائداً عن أمور غير مقبولة أخلاقياً أو قانونياً كتشغيل الأطفال والإخلال بالمساواة في الأجور وظروف وشروط العمل، والحرمان من الحقوق الأساسية للفرد. علاوة على ذلك، فإن الدور الرئيس الذي تلعبه الشركات، كونها المصدر الرئيس للثروة والتحديث وتوليد فرص العمل، يحتّم عليها القيام بواجباتها الاجتماعية وفقاً للمفاهيم الحديثة، كما أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في عصر يتسم بالتغير السريع تحتّم عليها ذلك أيضاً.
إن قيام المنظمات بدورها تجاه المسؤولية الاجتماعية يضمن إلى حد ما دعم جميع أفراد المجتمع لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، والمساهمة في إنجاح أهدافها وفق ما خطط له مسبقاً، علاوة على المساهمة في سدّ احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية، إضافةً إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال إقامة مشاريع خيرية واجتماعية ذات طابع تنموي.
ومن بين الفوائد التي تجنيها المنظمات ذات الممارسات المسؤولة اجتماعياً أيضاً تقليص تكاليف التشغيل، وتحسين الصورة العامة لأصناف المنتجات وسمعتها، وزيادة المبيعات، وإخلاص العملاء، وزيادة الإنتاجية والنوعية.
وقد أشارت الدراسات التي قامت بها "منظمة تسخير الأعمال التجارية لصالح المسؤولية الاجتماعية" في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الشركات التي توازن بين مصالحها ومصالح حاملي الأسهم حققت معدلات نمو ومعدلات توليد عمالة ماهرة تفوق الشركات الأخرى بنسبة أربعة أضعاف.
وتقديم ً على ما سبق،، حتى وقتنا الراهن، لم يتم تعريف مفهوم المسؤولية الاجتماعية بشكل محدد وقاطع يكتسب بموجبه قوة إلزام قانونية وطنية أو دولية، ولا تزال هذه المسؤولية في جوهرها أدبية ومعنوية، أي إنها تستمد قوتها وقبولها وانتشارها من طبيعتها الطوعية الاختيارية. ومن هنا فقد تعددت صور المبادرات والفعاليات بحسب طبيعة البيئة المحيطة، ونطاق نشاط المنظمات وأشكاله، وما تتمتع به كل منظمة من قدرة مالية وبشرية، وهذه المسؤولية بطبيعتها ليست جامدة، بل لها الصفة الديناميكية والواقعية وتتصف بالتطور المستمر كي تتواءم بسرعة وفق مصالحها وبحسب المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لقد تطور مفهوم المسؤولية الاجتماعية بشكل كبير في الآونة الأخيرة في العالم كنتيجة طبيعية لإخفاق الأعمال في الاستجابة لاحتياجات بيئتها الاجتماعية ولمصالح الأطراف الأخرى فيها، فهي نتاج المشكلات الكثيرة والأزمات العديدة التي ارتبطت بحرية الأعمال ونظرتها الضيقة لمصلحتها الذاتية على حساب المجتمع الذي تعمل فيه كما حدث في الكثير من الدول الصناعية من مشاكل في تلوث البيئة والمياه والبحار وانتشار الأوبئة. لهذا لم يكن ممكناً الاستمرار بحرية الأعمال خاصة بعد أن بدأت شركات الأعمال تواجه ظروفاً جديدة ووعياً اجتماعياً وبيئياً ومفاهيم جديدة تقوم على المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال من أجل مراعاة مصالح الأطراف الأخرى ومصلحة المجتمع كامل.
وحتى تتفاعل المنظمة مع الأطراف والنظم الخارجية والداخلية، يجب أن تأخذ في الحسبان الأثر الذي تحدثه قراراتها وسلوكياتها تجاه هذه القوى، فلكل طرف له علاقة تبادلية وتكاملية مع المنظمة، وعلى المنظمة أن تعظم هذه العلاقة بما يؤدي إلى إرضاء وتحقيق أهداف مختلف الجوانب البيئية وفي نفس الوقت يجب ألا يتعارض هذا مع الأهداف التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها.
إن التأثيرات والعلاقات التبادلية بين المنظمة والبيئة الخارجية يطلق عليها المسؤولية الاجتماعية للمنظمات أو الشركات كما تم ذكره آنفاً، هي في أبسط معانيها علاقة (أخذ وعطاء) ضمن ضوابط تعاليم ديننا الحنيف والقوانين والقيم والأخلاق والمبادئ الاجتماعية للمجتمع الذي توجد فيه المنظمة.
إن نجاح قيام منظمات الأعمال بدورها في المسؤولية الاجتماعية يعتمد أساساً على التزامها بثلاثة معايير هي:
1. الاحترام والمسؤولية، بمعنى احترام الشركة للبيئة الداخلية (العاملين)- والبيئة الخارجية (أفراد المجتمع)، ودعم المجتمع ومساندته.
2. حماية البيئة، وذلك من حلال الالتزام بتوافق المنتج أو الخدمة الذي تقدمها المنظمة أو الشركة للمجتمع مع البيئة.
3. خدمة البيئة، وذلك من خلال تقديم ما يخدم البيئة ويحسن من الظروف البيئية في المجتمع ومعالجة المشاكل البيئية المختلفة.
فلك أن تتخيل عزيزي القارئ لو أن تم نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتفعيلها ومتابعتها وتسخيرها على (سبيل الذكر لا الحصر) في المساهمة في (تطوير أو صيانة مدرسة او دار للأيتام - إعطاء دورات مجانية متخصصة – دعم مستوصف حكومي- دعم دار رعاية المسنين أو العجزة- صيانة طريق داخلي - الاشراف على حدائق عامة..... الخ) فأنها بالتأكيد سوف تساعد في حل الكثير من المشاكل التي تواجه البلاد.
والجانب المشرق في هذا الصدد إنه توجد العديد من منظمات الأعمال في بلداننا العربية والتي أعرفها أنا شخصياً ولا داعي لذكرها حيث تقوم بدورها المتعلق بالمسؤولية الاجتماعية على أكمل وجه، بل وأكثر من ذلك (لا يتسع المجال هنا في الحديث عن ذلك).
وأخيراً.. لعل بهذه المقالة المختصرة قد نحدث فارقاً مهما كان صغيراً نحو خدمة ورقي مجتمعنا، وتذكيراً لقوله تعالى "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" وكلنا أمل أن يتحقق ذلك.
صورة التدوينة
ملخص نظرية السلطة/ من كتاب كلاسيكيات الإدارة والسلوك التنظيمي/ تشستر آي.بارنارد ،كامبرديج،هارفارد
يبين هذا المقال أنه من الأمور بالغة الأهمية في السيطرة استخدام السلطة ومصادرها والظروف التي يمكن للموظف على ضوئها تقبل الاتصالات على أنها صادرة من سلطة رسمية ضمن ما يعرف بمنطقة الرضوخ.
ويبحث هذا المقال أيضاً موضوعاً يتعلق من ناحية (استعداد الأفراد للمساهمة في التنظيمات) والناحية الثانية والأكثر عمومية (الاتصالات).
 مصدر السلطة
أن جميع التنظيمات المعقدة تتكون في أساسها من وحدات منظمة، فأنه من المنطق التسليم بأنه مهما كانت طبيعة السلطة فإنها صلب وحدة التنظيم البسيطة، وأن النظرية الصحيحة للسلطة لابد أن تتفق مع ما يصح بشكل أساسي في وحدات التنظيم هذه.
إن أهم حقائق الملاحظات العامة المتعلقة بالسلطة هو مدى عدم فاعليتها في أوضاع معينة وهي تبدو غير فعالة لدرجة أن انتهاك السلطة مقبول كأمر واقع ولا تأخذ مضامينه في الحسبان.
أن انتهاك القانون على أية حال ليس غريباً، فأنك تجد في دولة يحكمها زعيم ديكتاتوري الحرية الشخصية في أدنى مستوياتها والسلطة الاستبدادية في أعلى درجاتها ومع ذلك فأنك تجد الكثير من الانتهاكات للقوانين الوضعية أو المراسيم العليا بعضها بشكل علني وعلى نطاق واسع وبعضها غير معلن وسري.
كما إنه توجد سلطة أخرى غير سلطة الدولة، هناك سلطة الدين حيث إنه قد يحدث لدى بعض الناس أن لا يحترمون القانون السائد للدولة أو بعضه ولكن الواعز الديني والعقيدة قد تحد من تلك الخروقات للسلطة.
إن المواطن الفرد هو الذي يقرر أي القوانين سيطيع وأيها سيخالف في أوضاع معينة متعلقة بتلك القوانين (المسؤولية الفردية).
أما تعاليم الدين التي سيخالفها الفرد يقررها هو نفسه في زمان ومكان معين هو مايعرف (المسؤولية الأخلاقية).
قد يعتقد المرء ان عدم فاعلية السلطة في حالات معينة غالباً في المسائل المتعلقة بالدين والدولة وان فاعلية السلطة تجدها أكبر في التنظيمات الاصغر والأكثر تماسكاً والتي تدار بشكل أوثق ولكن ذلك غير صحيح.
ففي الناحية النظرية تتفاجأ في أفضل التنظيمات تجد خروقات للسلطة اي بمعنى كيف تجري مخالفة الأوامر بشكل عام ولقد أهتم الكاتب بمتابعة تلك الحقيقة ففي جميع هذه المنظمات سواء الجيوش والمستشفيات ومؤسسات الاصلاح والجامعات والمؤسسات التجارية تجد الأوضاع ذاتها من قوانين وأنظمة وإجراءات حيث يتحاشى الجميع معارضتها صراحة كما أن هناك مؤسسات كبرى تقوم بممارسات حيوية ولا تتمتع بأي سلطة مثل الاحزاب السياسية.
 تعريف السلطة
هي شكل من أشكال الاتصال (أمر) في منظمة رسمية والذي بمقتضاه أن يقبل المساهم أو العضو ذلك الأمر لتسيير عمل المنظمة. وتبعاً لهذا التعريف فان السلطة تشتمل على وجهين الأول الذاتي الشخصي وهو قبول الاتصال (الأمر) على أنه ملزم والثاني الناحية الموضوعية – شكل الاتصال(الأمر) والذي بفضله تم قبول ذلك الأمر.
عند قبول شخص ما لاتصال توجيهي يصدر إليه فان سلطة هذا الأمر قد تأكدت ويكون قد أعترف به كأساس للعمل، أما عدم الانصياع لهذا الاتصال هو بمثابة رفض لتلك السلطة عليه. وحسب هذا التعريف فأن القرار حول ما إذا كان للأمر الصادر سلطة أم لا، لا يكمن في الشخص الذي وجه إليه الأمر وليس في الأشخاص أصحاب السلطة أو الذين أصدروا الأمر.
ويتعارض هذا مع وجهات نظر يحملها الكثير من الأشخاص المطلعين من مختلف الرتب والمهن كما تتعارض مع المفاهيم القانونية.
يقول روبرتو ميشيلز Roberto Michaels في دراسة علمية بعنوان (السلطة) في موسوعة العلوم الاجتماعية "سواء أكانت السلطة نابعة من شخص أو مؤسسة فأن الرأي العام هو الذي يوجدها ويحافظ عليها والتي بدورها تتكيف حسب المشاعر والميول والاحترام والضرورة الحتمية حتى عندما تعتمد السلطة على القوة الجبرية المادية وحسب فأنها تقبل الا ان هذا القبول مرده الخوف من القوة".
ومن فحوى آراء اللواء جيمس جي هابورد وهو صاحب الخبرة العسكرية الطويلة والمميزة والذي أصبح رجل اعمال تنفيذي (على الرغم من وجود القوة المادية وحتى في أقسى ظروف المعركة حيث يكون الأمر مطلقا تقريبا فأن السلطة تقوم على قبول وموافقة الأفراد).
إن تعريفنا للسلطة مثل ديمقراطية اللواء جيمس جي هابورد في الجيش سيبدو للكثيرين الذين لايرون في التنظيمات سوى الفوضى، إنه سيديم تلك الفوضى حيث تفشل السلطة لأن هناك عدد كافياً من الأفراد يرون أن الأمر الصادر يغير ميزان المزايا ضد مصلحتهم فيسحبون مشاركتهم.
يرى الكاتب أنه يجب إلا نبني تعريفاً للسلطة مستندين على الرأي العام فضرورة قبول الفرد بإقامة سلطة أمر لا مفر منه ويمكن للفرد أن يقبل اتصالاً (أمر) على أنه ملزم له وسوف يقبله إذا توفرت الشروط الأربعة الآتية في الوقت نفسه كالآتي:
1. أنه قادر على فهم الاتصال بلغة يفهمها المتلقي والتأكد من فهمه لذلك الاتصال.
2. ان يؤمن بأن الاتصال لا يتعارض مع أهداف المؤسسة.
3. ان يؤمن أن الأمر يتماشى مع مصالحه الشخصية بشكل عام.
4. ان يكون قادراً من الناحية العقلية والبدنية على الانصياع له.
ومن هنا من الطبيعي ان يسأل القارئ... كيف يمكن ضمان هذا التعاون المهم وإدامته إذا كان تقرير السلطة من حيث المبدأ والحقيقة هو في يد الفرد المرؤوس؟
الجواب ذلك ممكن لأن ذلك يتخذ في ظل الظروف التالية:
• الأوامر التي تصدر بشكل مدروس في المنظمات الثابتة تتماشى عادة مع الشروط الأربعة سابقة الذكر، حيث أن مبدأ السلوك التنفيذي في المؤسسات الجيدة عدم إصدار أوامر لن تطاع أو لا يمكن إطاعتها، وان وجد بعض الأوامر التي يصعب تقبلها لابد من المؤسسة تثقيف أصحاب العلاقة بعناية والعمل على اقناعهم وشرحهم لتلك الأوامر وغالباً ما نجد ان صغار الموظفين والجدد يتسببون غالبا في إيقاع الخلل في مجموعاتهم وكذلك في الأشخاص التنفيذيين الأقل خبرة والذين في الغالب لا يعرفون كيف يستخدمونها أو يسيؤن استخدام السلطة.
• توجد منطقة تعرف بـ"منطقة الرضوخ" وهي المنطقة التي يتقبل الافراد ضمنها الأوامر دون التحقق بشكل واع من سلطتها.
ويمكن تفسير تعبير منطقة الرضوخ كالتالي حيت أن إذا رتبت جميع أوامر العمل في مجموعات فأنها تأخذ أحد الصور الثلاثة:
1. المجموعة الأولى: يمكن تصور إن هناك عدد من هذه الأوامر غير مقبول بشكل واضح أي إنها لن تطاع بالتأكيد.
2. المجموعة الثانية: تقع إلى حد ما في موقع محايد، اي أنها يمكن أن تقبل أو لا تقبل.
3. المجموعة الثالثة: وهي مجموعة الأوامر المقبولة دون نقاش وهذه المجموعة تقع ضمن منطقة الرضوخ فالشخص المعني سيقبل الأوامر الواقعة ضمن هذه الدائرة دون الاهتمام نسبيا بطبيعة الأمر طالما ان المسألة تتعلق بالسلطة.
واللاعب الأساسي في ذلك هي مدى درجة اقتناع الافراد بالانتماء إلى المنظمة عما يمكن ان يتحملوا من أعباء أو تضحيات مع حوافز ضيقة للغاية للمشاركة في النظام فعلى سبيل المثال.. إذا انخرط شخص في الجيش يتحرك الرجال ضمن منطقة عريضة محددة فيصبح من غير المهم إذا صدر إلى أحدهم الأمر بالتحرك من المنطقة أ إلى المنطقة ب أو ج أو د، فالذهاب إلى أي من هذه المناطق يقع ضمن منطقة الرضوخ.
• مصالح الأشخاص الذين يساهمون كمجموعة في تنظيم ما تتمخض عن ممارسة التأثير على الشخص بما يحافظ على قدر من الاستقرار في منطقة الرضوخ حيث أن فاعلية التنظيم تتأثر بمدى اذعان الافراد للأوامر فان انكار سلطة أوامر التنظيم تمثل تهديدا لمصالح جميع الافراد الذين يحصلون على مزايا مهمة من ارتباطهم بالتنظيم مالم تكن الأوامر غير مقبولة بالنسبة لهم أيضا وتبعا لذلك لابد من وجود مصلحة شخصية لدى معظم المشاركين وتدفقهم للحفاظ على هذه المصلحة هي لحد بعيد من وظائف التنظيم الغير رسمي والتعبير عنها يدخل تحت مسميات مثل الرأي العام ،رأي التنظيم ، المشاعر العامة وموقف الجماعة وما إلى ذلك.
وبالتالي يكون المشاركون مستعدون للحفاظ على سلطة الأمر لأنه حين يراعى الا تصدر إلا الأوامر المقبولة بشكل عام فان معظمها يقع ضمن منطقة الرضوخ الشخصي ولان الادراك العام يؤثر في دوافع معظم المشاركين معظم الوقت فان الاداة العملية لهذا الادراك هي تخيل وجود سلطة أعلى تجعل من الممكن ان نعالج بشكل عادي مسألة شخصية بطريقة غير شخصية.
وتخيل وجود سلطة عليا ضروري لسببين رئيسيين:
1. إذا تم تجاهل أحد التعليمات فيجب تقبل فكرة ان يكون المنفذ قد أخطأ في تجاهله للتعليمات وهي مخاطرة لا يمكن للفرد تحملها عادة الا إذا كان مركزة جيدا وكان قادرا على الأقل على تصحيح تقييم الموقف المعني ويميل معظم الناس إلى منح السلطة لأنهم يكرهون المسؤولية الشخصية خاصة حين لايكونون في وضع جيد يسمح بقبولها، لكنهم يقبلونها بطريقة أخرى. والصعوبات العملية في عمل المنظمة نادرا ما تكمن في رغبة الافراد المفرطة في تولي المسؤولية عن عمل المنظمة، بل تكمن في رفض تحمل مسؤولية أعمالهم الخاصة داخل المنظمة.
2. تخيل وجود سلطة عليا يعطي إشارة غير شخصية بأن ما هو معرض للخطر هو مصلحة المنظمة. وإذا جرى الاستخفاف بالسلطة الموضوعية لأسباب تعسفية أو حتى لأسباب مزاجية وحسب، أو بكلمات أخرى كان هناك محاولة متعمدة لتحويل متطلبات التنظيم لخدمة شخصية، بدلا من حراسة مصالح مهمة للأفراد، فان ذلك يعني ان هناك تعديا على المنظمة ذاتها والفشل المتعمد في انجاز التزام معين هو عمل عدائي. وهو امر لا يمكن لأي منظمة ان تقره ويجب ان ترد عليه بعقوبة ان استطاعت ولا يجوز التسامح غالباً مع من يتركون المنظمة وهي في وضع حرج. ويظهر مدى صواب مما سبق التمعن في الفرق بين العمل التنفيذي في الحالات الطارئة، والعمل في الظروف العادية. ففي زمن الحرب، يتصاعد التأكيد على الانضباط في الجيش – فمن الواضح للجميع ان نجاحه وسلامة جميع أفراده تعتمد على ذلك الانضباط وفي منظمات أخرى لا يجري التسامح مع فك الاتصال مع القيادة في أوقات الطوارئ وذلك بعدم اطاعة الأوامر والتصرف حسب ما يمليه الموقف، بل ان عدم وجود ذلك الانقطاع قد يؤثر بالفعل في معنويات الافراد. فالإحساس بوجود مبررات واضحة في موقف ما هو الذي ينظم استخدام الفيتو من قبل السلطة الأخيرة وهي السلطة الموجودة في أسفل التنظيم.
وهذا أمر مألوف في الممارسات التنفيذية مع إنه من غير المألوف الحديث عنه.