صورة التدوينة

الأدب والمعرفة: أي علاقة؟

تُبرز قراءة رواية "ميشيل ويلبيك" من خلال العلوم المعرفية أن نقل المفاهيم من المجال المعرفي إلى الأدب يمكن أن يكون مبررًا بشرعية منهجية. هذه الشرعية تقوم على تحديث أساليب تحليل النصوص من خلال التركيز على العناصر غير المتوقعة والمتغيرة، مما يتيح قراءة أكثر ديناميكية. في هذا السياق، تتحول القراءة إلى فضاء مفتوح للإبداع، معتمدة على مفاهيم النقد المعرفي التي تعكس الابتكار الذاتي، مما يساعد على إبراز تفرد النص الأدبي. بناءً على ذلك، لا تسعى المفاهيم التي يقترحها النقد المعرفي إلى اقتراح منهجية لتفسير الروايات، بل تُستخدم باعتبارها آليات تساعد في التفكير حول النص الأدبي.

إن هذه المقاربة للأدب من خلال النظام الإدراكي قد بدأت تجد الاعتراف منذ الثمانينات، كما يتضح من خلال مجموعات بحثية متنوعة (مثل مركز الأبحاث حول الأدب والإدراك في جامعة باريس 8، وفريق البحث في الشعرية المعرفية في جامعة سيجد، وغيرها) وكذلك من خلال مجلات متخصصة (مثل نظرية الأدب والتعليم، وغيرها).

ومن خلال هذه المقاربة، يساهم الأدب أيضًا في إثراء مجال البحث في المعرفيات، حيث يتيح زاوية فريدة يمكن من خلالها فهم آليات الإدراك المتعددة والمتغيرة بشكل أعمق. فإسهام الأدب في مجال الإدراك يتمثل في إمكانية رسم خريطة أدبية للإدراك، بمعنى فهم العمليات الإدراكية من خلال إطار السرد. وقد يُصبح هذا الإطار السردي مصدرًا لتطوير فرضيات جديدة حول كيفية عمل الإدراك، مما يؤدي إلى تجديد الأساليب والمفاهيم في العلوم المعرفية.

تخلق هذه القراءة المتداخلة دائرة من الإثراء المتبادل بين الأدب والعلوم المعرفية، مما يعزز قدرتهما على التجدد من خلال التفاعل المتبادل. ومع ذلك، فإن الجزء الأول من هذا التداخل، وهو مقاربة الأدب من خلال النماذج المعرفية، قد تم استكشافه بشكل أوسع، مما أسفر عن تجديد منهجي في الأدب (سواء باللغة الفرنسية أو غيرها). أما الجزء الثاني، الذي يمتلك إمكانيات كبيرة لإعادة توزيع وتنشيط المقاربات في العلوم المعرفية عبر السرد، فلم يتم استغلاله بعد بشكل كامل، وما زال في مرحلة افتراضية أو استكشافية.
ينظر: Gabriela Bandura, littérayure et science cognitives; approach et légitimité d'une lecture transversale