صورة التدوينة


لا يوجد في الطبيعة الأساسية للسرد، ولا في خصائصه البنيوية أو النصية المتأصلة (مضمون الشكل)، ما يمكن أن يستخدم للفصل بين القصص الخيالية والواقعية. بل إن الاختلاف يكمن في الوظائف المتنوعة التي تؤديها هذه القصص، والتي تتجلى في الادعاءات المختلفة حول ارتباطها بالعالم وطريقة الاستجابة لهذه الادعاءات، وهذا هو ما يخلق التمييز بينها. نظرًا لهذه القدرة على تلبية متطلبات كل من الواقع والخيال، وبالنظر إلى التحديات النظرية والتخصصية المرتبطة بهذه القدرة، فلا عجب أن يتم دراسة تكوين السرد وآلياته بعيدًا عن ادعاءات الحقيقة أو أدائه في العالم. ومع ذلك، فإن عدم التمييز بين الوظائف المختلفة التي يؤديها السرد، والتفريق بين قيمة الحقيقة وادعاء الحقيقة في المعرفة السردية، قد شكّل إشكالية مستمرة في التحول السردي المعاصر في العلوم الإنسانية. وبينما قد لا يكون هذا التمييز ذا أهمية كبيرة للباحثين أو التخصصات التي تركز بشكل أساسي على الشكل السردي في ذاته، إلا أنه يُحدث فرقًا كبيرًا للسرديين الآخرين في العلوم الإنسانية، خاصة إذا كان السرد يُعتبر (ضمنيًا أو صراحةً) خياليًا في جوهره، بغض النظر عن الأساس الذي يُروى عليه، سواء كان طبيعيًا أو بنائيًا، وما إلى ذلك.
ينظر، Kreiswirth, M. (2000). Merely Telling Stories? Narrative and Knowledge in the Human Sciences. Poetics Today, 21(2), 314. doi:10.1215/03335372-21-2-293