حفل تاريخ المشرق الاسلامي بدراسات عدة السياسية منها والحضارية والعلمية،معظمها مهمة اضافت كثيرا الى المكتبات العربية ،وكانت منهلا للباحثين والمهتمين بدراسة المشرق الاسلامي بمختلف جوانبه.
دراستي هذه مكملة للدراسات السابقة ،لا سيما عندما يتعلق الامر بدراسة مدينة مهمة مثل طخارستان ، فتاريخها حافل بالاخبار والاحداث ولاسيما في العصر العباسي (132-656ه/749-1258م)
ومن الجدير بالذكر ان هناك دراسات تناولت المرحلة التاريخية والجغرافية لها خلال المرحلة التاريخية السابقة لدراستي هذه،وهناك دراسات عدة تناولت الفتوحات الاسلامية للمشرق الاسلامي وجغرافيته حتى نهاية العصر الاموي ومن ضمنها طخارستان،ولهذا لم ارغب في اعادة ما كتبوه ووجدت انه من الافضل دراستهـــا حتى نهاية العصــــر العباسي نظرا لاهمية هذه المرحلة التاريخية .
ولهذا وجدت من الضروري عدم الخوض بها من جديد للحيلولة دون التكرار ،وتسليط الضوء على تاريخها خلال العصر العباسي فضلا عن دورها العلمي،ولابد من الاشارة الى تاريخ طخارستان غير واضح وان ما عثرت عليه هو اشارات يسيرة متداخلة مع احداث سياسية لمدن عدة في المشرق الاسلامي وهذا بالتاكيد اضفى صعوبة خلال تصفحي لمعظم المصادر التاريخية التي اعتمدت عليها في دراستي هذه سواء العربية منها والفارسية .
ولهذا تناولت تفاصيل موسعة عن الصراع السياسي والعسكري للقوى الاسلامية لفرض سيطرتها على طخارستان ،فكان لاهلها موقف واضح من الدعوة العباسية ؛اذ كانت طخارستان في مقدمة مدن المشرق الاسلامي التي خضعت لسلطة الخلافة العباسية،فحظيت باهتمام معظم الخلفاء العباسيين .
وكانت طخارستان محط انظار الامارات الاسلامية واطماعها ،اذ كانت معبرا لجيوشهم ومعقلاً لهم .
فكانت تابعة اداريا للامارة الصفارية(259-297ه/782-909م) ،ثم السامانية(261– 389 هـ/874 - 909 م) ،ثم الغزنوية( 351- 582هـ/ 962- 1166م) ،والسلاجقة(447-590هـ/ 1055-1193م)،وكانت مسرحا للصراع بين الامارة الخوارزمية(490– 628هـ /1096 – 1230م) ، والغورية(543 – 612هـ/1148 – 1215هـ) ، والقراخانية(315 – 607هـ / 927 – 1210م)، كانت طخارستان بمثابة محطة عبور لجيوشهم خلال حملاتهم العسكرية على مدن المشرق الاسلامي،وخلال صراعاتهم ونزاعاتهم.
وتناولت في دراستي هذه تأسيس مملكة الباميان وطخارستان واهم حكامها ،ودورهم السياسي والعسكري،وعلى الرغم من هذه المملكة كانت تابعة للامارة الغورية غير انها احتفظت بتاريخ مستقل لها حاز اهمية كبيرة عند الباحثين ،اذ حكمها عدة امراء لكل واحد منهم تاريخ سياسي وعلمي مستقل عن الاخر على الرغم من قصر مدة حكم كل واحد منهم.
وللاهمية التاريخية والجغرافية التي حازها طخارستان فلم تسلم من هجمات المغول واطماعهم ،فشنوا حملاتهم العسكرية على اهم قلاعها ونواحيها حتى تمكنوا من فرض سيطرتهم بالكامل عليها.
وما تعرضت له طخارستان من هجمات عسكرية وتنافس سياسي بين القوى يدل على اهميتها جغرافياً وسياسياً واقتصادياً.
وعرجت على اهم مظاهر ازدهار الحياة العلمية في طخارستان ومدنها ،فقد تنوعت وتعددت علومها ،فمنها العلوم الدينية ومنها الفقهية،والفكرية والعلمية،واسهم هذا في بروز علماء عدة من ابنائها ،كان لعدد منهم مصنفات ومؤلفات متنوعة وفي علوم شتى تركوا لنا من خلالها بصمات واضحة في علم الحديث والفقه واللغة والنحو والتاريخ وغيرها من العلوم.
واعتمدت في إعدادي لهذا الكتاب على العديد من المصادر التاريخية الأصيلة العربية منها وغير العربية " المعربة منها، وغير المعربة " أي المصادر الفارسية ،التي تضمنت معلومات مهمة جداﹰ لم نجدها في المصادر العربية.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن.
يجب أن تسجل الدخول لإضافة تعليق.