صورة التدوينة

تقنية جديدة تكشف أسرار الجينوم البشري
د. طارق قابيل

حقق علماء روس تقدمًا كبيرًا في مجال تشخيص الأمراض الوراثية والسرطان. فقد ابتكروا تقنية جديدة تسمح بتحديد التغيرات الطفيفة في ترتيب الكروموسومات بدقة عالية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج العقم وتجنب انتقال الأمراض الوراثية إلى الأجيال القادمة.

يشكل فهم الجينوم البشري وتحديد التغيرات التي تحدث فيه تحديًا كبيرًا للعلماء والأطباء على حد سواء. هذه التغيرات، وخاصة تلك المتعلقة بترتيب الكروموسومات، ترتبط بمرض السرطان والعقم وغيرها من الأمراض الوراثية. وفي هذا الإطار، حقق علماء روس إنجازًا علميًا بارزًا بابتكارهم تقنية جديدة تسمح بتشخيص هذه التغيرات بدقة عالية، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال الطب الجيني.

في خطوة نحو مستقبل أكثر صحة، تمكن علماء معهد علم الخلايا وعلم الوراثة التابع لأكاديمية العلوم الروسية من تطوير تقنية ثورية لكشف الأسرار الخفية للجينوم البشري. هذه التقنية المبتكرة تسمح بتحديد التغيرات الطفيفة في ترتيب الكروموسومات، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بأمراض وراثية خطيرة مثل السرطان والعقم.
وأوضح المكتب الإعلامي للمعهد أن التقنية الجديدة تعتمد على تحليل شامل ومعمق للحمض النووي، مما يسمح بالكشف عن التغيرات الدقيقة في بنيته. وبفضل هذه التقنية، يمكن للعلماء الآن تحديد الجينات المعطلة أو المفقودة أو المكررة، والتي تلعب دورًا حاسمًا في ظهور الأمراض الوراثية.

ويؤكد الباحث بنيامين فيشمان أن هذه التقنية تميزت بقدرتها على تحليل عينات متنوعة من المواد البيولوجية، بما في ذلك الدم وأنسجة الأورام وخزعات الأجنة. وهذا يعني أنه يمكن استخدامها لتشخيص الأمراض الوراثية في المراحل المبكرة، وكذلك لتحديد الجنين السليم خلال عمليات التلقيح الاصطناعي.

وأضاف فيشمان أن التقنية الجديدة تمثل قفزة نوعية في مجال تشخيص الأمراض الوراثية، حيث أنها تتغلب على العديد من التحديات التي واجهت التقنيات السابقة. ويشير إلى أن هذه التقنية يمكن أن تساهم في تطوير علاجات جديدة للأمراض الوراثية، وتحسين جودة حياة المرضى.

ما هي الكروموسومات؟
لنتخيل أن الجينوم البشري هو مكتبة ضخمة تحتوي على جميع المعلومات الوراثية للإنسان. والكروموسومات هي الكتب التي تُرتب فيها هذه المعلومات. أي تغيير في ترتيب هذه الكتب أو في المعلومات الموجودة عليها يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية.

ما هي التقنية الجديدة؟
العلماء الروس طوروا طريقة جديدة لدراسة هذه الكتب (الكروموسومات) بدقة عالية. بدلاً من النظر إلى كل كتاب على حدة، فإنهم يدرسون كيف تتفاعل هذه الكتب مع بعضها البعض وكيفية ترتيب المعلومات عليها. وببساطة، هذه التقنية تشبه استخدام مجهر قوي جداً لدراسة بنية الكتاب (الجينوم) وتحديد أي أخطاء مطبعية أو تغييرات في ترتيب الصفحات.

كيف تعمل هذه التقنية؟
1. أخذ العينة: يتم أخذ عينة من الدم أو نسيج آخر من المريض.
2. استخلاص الحمض النووي: يتم استخلاص الحمض النووي (دي إن إيه) من العينة، وهو الجزء الذي يحمل المعلومات الوراثية.
3. تحضير العينة: يتم تحضير العينة بطريقة خاصة للحفاظ على المعلومات حول كيفية ترتيب الجينوم داخل الخلية.
4. التسلسل: يتم قراءة تسلسل الحمض النووي بأكمله باستخدام أجهزة متطورة.
5. تحليل البيانات: باستخدام برامج حاسوبية متخصصة، يقوم العلماء بتحليل البيانات الناتجة عن التسلسل للكشف عن أي تغييرات في ترتيب الكروموسومات أو في المعلومات الوراثية.

ما أهمية هذه التقنية؟
• تشخيص دقيق: تسمح هذه التقنية بتشخيص الأمراض الوراثية بدقة عالية، مما يساعد الأطباء على تحديد العلاج المناسب.
• اكتشاف أمراض جديدة: يمكن استخدام هذه التقنية لاكتشاف أمراض وراثية جديدة لم تكن معروفة من قبل.
• التخطيط للعلاج: تساعد هذه التقنية الأطباء على التخطيط للعلاج بشكل أفضل، سواء كان ذلك عن طريق الأدوية أو الجراحة أو غيرها من الوسائل.
• تشخيص الأمراض في المراحل المبكرة: يمكن استخدام هذه التقنية لتشخيص الأمراض الوراثية في المراحل المبكرة، مما يزيد من فرص الشفاء.

الآثار الإيجابية للتقنية الجديدة على صحة الإنسان والمجتمع
تعد التقنية الجديدة التي ابتكرها العلماء الروس لفحص الجينوم البشري إنجازًا علميًا كبيرًا يحمل معه العديد من الآثار الإيجابية على صحة الإنسان والمجتمع. إليك بعض هذه الآثار:
على صعيد صحة الفرد:
• تشخيص مبكر ودقيق للأمراض الوراثية: تتيح هذه التقنية اكتشاف الأمراض الوراثية في مراحلها المبكرة، مما يزيد من فرص العلاج والشفاء.
• تخصيص العلاج: يمكن للطبيب بناءً على نتائج الفحص الجيني، تحديد العلاج الأنسب لكل مريض، مما يزيد من فعالية العلاج ويقلل من الآثار الجانبية.
• تجنب انتقال الأمراض الوراثية للأجيال القادمة: يمكن للأزواج الذين يرغبون في الإنجاب إجراء هذا الفحص لتحديد احتمال انتقال أي أمراض وراثية إلى أطفالهم، واتخاذ القرار المناسب بشأن الإنجاب.

• تحسين جودة الحياة: بفضل التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأشخاص المصابين بالأمراض الوراثية أن يعيشوا حياة أطول وأكثر صحة.
على صعيد المجتمع:
• تقليل تكاليف الرعاية الصحية: يؤدي التشخيص المبكر والعلاج الفعال للأمراض الوراثية إلى تقليل التكاليف الطبية على المدى الطويل.
• زيادة الوعي بالأمراض الوراثية: تساهم هذه التقنية في زيادة الوعي العام بالأمراض الوراثية وأهمية الفحص الجيني.
• تطوير علاجات جديدة: تشجع هذه التقنية على إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير علاجات جديدة للأمراض الوراثية.
• تحسين الصحة العامة: تساهم هذه التقنية في تحسين الصحة العامة للمجتمع من خلال تقليل انتشار الأمراض الوراثية.

أمثلة على تطبيقات عملية:
• الأمراض الوراثية النادرة: يمكن استخدام هذه التقنية لتشخيص الأمراض الوراثية النادرة التي يصعب تشخيصها بالطرق التقليدية.
• السرطان: يمكن استخدامها للكشف عن الطفرات الجينية التي تسبب السرطان وتحديد العلاج المناسب.
• الأمراض الوراثية المرتبطة بالعقم: يمكن استخدامها لتحديد الأسباب الوراثية للعقم ووضع خطط علاجية مناسبة.
• الأمراض الوراثية المرتبطة بأمراض القلب: يمكن استخدامها للكشف عن الطفرات الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

باختصار، هذه التقنية تمثل قفزة نوعية في مجال الطب الجيني، وتفتح آفاقًا جديدة لعلاج الأمراض الوراثية وتحسين جودة حياة البشر. وبفضل هذا الاكتشاف العلمي الرائد، أصبح الأطباء والعلماء أقرب من أي وقت مضى إلى فهم أسباب الأمراض الوراثية وتطوير علاجات فعالة لها. وتفتح هذه التقنية آفاقًا واعدة في مجال الطب الجيني، حيث يمكن استخدامها لتشخيص الأمراض الوراثية مبكرًا، وتحديد الأفراد المعرضين للإصابة بها، وتطوير علاجات مخصصة لكل مريض.