صورة التدوينة

أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من العديد من المجالات، بما في ذلك مجال العلاقات العامة (PR)، حيث يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرات كبيرة في عملية جمع المعلومات وتحليلها بسرعة وسهولة، والقدرة على التنبؤ بالسلوك الإنساني، ولا شك ان هذه الصفات توفر الوقت والجهد، وترفع كفاءة جميع الوظائف المتعلقة بمجال العلاقات العامة.
فمن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد ممارسي العلاقات العامة على فهم احتياجات الجمهور المستهدف وتوقع اتجاهاته من خلال استخدام تقنيات التعلم الآلي (ML) ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات الصحفية والتعليقات عبر الإنترنت لتحديد المشاعر والاتجاهات السائدة.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أدوات الجدولة التلقائية، والردود الذكية، وتحليل الأداء، كما تساعد الروبوتات الذكية، مثل الشات بوتس (Chatbots) في التفاعل مع الجمهور على مدار الساعة مما يزيد من كفاءة التواصل ويعزز من تجربة المستخدم، كما إن الذكاء الاصطناعي يسهم فى أتمتة المهام الروتينية مثل كتابة البيانات الصحفية، وإعداد التقارير، ومتابعة الأخبار ذات الصلة، هذه الأتمتة توفر الوقت والجهد للمحترفين، وتتيح لهم التركيز على المهام الاستراتيجية.
‏ وفي ذات السياق فإنه يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مسؤولي العلاقات العامة فى وضع استراتيجيات اتصالية تفاعلية بناءً على تفضيلات الجمهور وتحليل البيانات، كما يمكن استخدام الخوارزميات لتحليل سلوك الجمهور وتوقع استجابتهم للحملات الإعلامية المختلفة، مما يساعد في توجيه الجهود التسويقية بفعالية أكبر.
*وعلى الرغم من الفوائد العديدة للزكاء الاصطناعي، فإن هناك العديد من التحديات التي تتعلق باستخدامه في مجال العلاقات العامة، حيث يتطلب الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا مراعاة التحديات الأخلاقية والتقنية المرتبطة بها لضمان تحقيق الفوائد القصوى مع تقليل المخاطر المحتملة، كما ‏ان قدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الانتشار بشكل كبير في كافة المجالات خلال السنوات القليلة الماضية أدى الى تخوف البعض من أنها سوف تحل محل التفاعل البشري! وعلى الرغم من أن هذا الأمر لازال محل شك إلا إنه ينبغي على ممارسي العلاقات العامة تحصين أنفسهم بالمعرفة والتدريب من خلال تعلم كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وتعلم كيفية تطور تلك التكنولوجيا وقدراتها وإمكاناتها، من أجل تحسين بيئة العمل وتطوير مهاراتهم، وايضا للحفاظ على مكانتهم في قيادة العمل والتوجيه.
وتعد الإشكالية الحقيقية أمام دمج الذكاء الصناعي بعمل العلاقات العامة في العالم العربي هو أن أغلب المؤسسات- خاصة الحكومية- لا زالت تعاني من نقص في الكوادر المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما إن الإدارة العليا للمؤسسات لم تدرك بعد أهمية علم البيانات والذكاء الاصطناعي في ظل غياب قوانين تتعلق بجمع البيانات واستخدامها وخصوصيتها.
وقد نفت نتائج العديد من الدراسات العلمية حاجة ممارسي العلاقات العامة إلى ان يصبحوا خبراء تقنيين، وأكدت على ضروره الفهم الكافي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي الحالية والمستقبلية، بينما نرى أنه ما زال من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات مؤكدة حول التأثيرات المستقبلية للذكاء الاصطناعي على مهنة العلاقات العامة.
‏ ويرى البعض ان استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة سيشكل أيضا تحديا كبيرا لأقسام العلاقات العامة والإعلام الرقمى، إذ يتطلب الأمر إعادة هيكلة المقررات الدراسية لتزويد الطلاب بمجموعة من المعارف والمهارات الجديدة اللازمة لمواجهة متطلبات سوق العمل في عصر جديد يقوده الذكاء الاصطناعي.
‏** وختاما يمكننا القول إنه من الواجب على ممارسي العلاقات العامة في العصر الحديث أن ينظروا إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداة مساعدة ومفيدة، يمكن أن تختصر الوقت وتسرًع الإجراءات بسهولة ودقة، ولكنها لن تؤثر على وجودهم حيث ستساعدهم في تأدية مهام المؤسسة ومسؤولياتها فى تناغم واتساق، الأمر الذي سيؤدي إلى توفير مساحات كبيرة من الوقت للتركيز على تطوير وتنفيذ خطة عمل فاعلة وضمان استمراريتها، للوصول إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكلية للمؤسسة.