صورة التدوينة


يعد الارشيف العثماني من اكبر الارشيفات في العالم من حيث كثرة الوثائق وغزارة المعلومات والسجلات
وهي منذ مطلع القرن الخامس عشر حيث عنيت الدولة العثمانية عناية فائقة في تدوين كل شيئ في ورثتها ووثائقها وقيودها .

وسواء كانت اسلامية أم مختلف الديانات حيث ان الدولة العثمانية لم تقتصرعلى المعلومات والممارسات التي يطبقها المسؤلين في الدولة العثمانية وانما حفظت ايضا قيود الدول التي حكمتها وألت ممتلكاتها الى آل عثمان مما جعلت تلك الدول والمهتمين في دراستها ودراسة تاريخها تجد نفسها أمام كم هائل ومعلومات ومصادر غزيرة سواء على شكل كتب موسوعية او تراجم او مذكرات أو احكام وقرارات وكتب الحوليات وغيرها من التصانيف المختلفة من الاوعية الوثائقية .

وهذا الكم الهائل من الوثائق التاريخية التي يحتفظ بها الارشيف العثماني والتي يصل عددها الى 150 مليون وثيقة ومخطوطة وسجلات مختلفة التصانيف والعناوين فهي تهم 39 بلداً منها 19 بلد عربي و 11 بلد في البلقان و 3 في القوقاز و2 وسط آسيا بالاضافة الى تركيا فكل هذه الدفاتر والسجلات والوثائق المفهرسة والمؤرشفة قد أرشف منها لحد الان بحدود 35 % الى 50 .. % تم ارشفته وتصويره وتصنيفه في الارشيف العثماني

وقد اعتنت الدولة التركية لهذا الارث الكبير من ناحية الصيانة والترميم والتصنيف والفهرسة الدقيقة .
وكذالك توفير أفضل السبل للباحثين لمختلف انحاء العالم للاستفادة من المحفوضات العثمانية الموجودة في دائرة رئاسة الوزراء في استانبول او في مدينة أنقرة بالاضافة الى ما تتوفر منها لدى مكتبات الجامعات التركية ومكتبات البلديات القائمة في مركز الولايات ولاكن هذه المادة على غزارتها بقت بعيدة عن اهل الاختصاص من الباحثين والمؤرخين العرب ولأن الكثيرين بحاجة الى معلومات في طيات من تلك الوثائق .


وهذا الارشيف الذي يعتبر من اهم دور الارشيفات في العالم فهو يعد ثالث اكبر ارشيف في العالم لما يحتفظ به من وثائق لفترة اربعة قرون من سنة 699 هجرية 1299 ميلادية الى سنة 1342 هجرية 1924 ميلادية ابان الحكم العثماني .

ومن المعلوم ان اي ارشيف في العالم له الاهمية مما يقوم بدوره الكبير لربط الماضي بالمستقبل من خلال وثائقه المختلفة والتي يعتمد عليها في تدوين التاريخ حيث ان البحوث التي تتم في مختلف المواضيع كالادارة والسياسة والجيش والدين والقضاء والعلم والاحصاء والاعلام والادب والفن والصناعة وكل ما يتعلق بحياة اي مجتمع من المجتمعات او اي فرد من الافراد وكذلك التي تخص الواجبات والعلاقات الدولية والاتفاقات والعزل والتنصيب وعقود ابرام الاتفاقيات ومما تدون من تقاليد اجتماعية واعراف مذهبية وطقوس دينية لمختلف المجتمعات والكثير من حوادث الحياة الخاصة والعامة كالمراسلات والرسائل والتلغراف وغيرها مما استعملته التقنية والتطورعبر التاريخ من خلال هذه الوثيقة المدونة والتي تثبت مما جرى وحدث واتفق وابرم واصدر من قوانين واوامر... الخ .


فكل هذا لا يمكن التعرف عليه الا من خلال الارشيف وهي نقطة البداية في علوم ومعارف المجتمعات ومصادرها الاصلية لهذا السبب يقال ان تاريخ الدول والامم محفوظ في دور وثائقها .

ومن المعلوم ان أول مبنى تم انشائه للارشيف العثماني هو أرشيف الدولة العثمانية المسمى بخزينة الاوراق في الباب العالي بأسطانبول عام 1846م وبعد مرور 167 عام تم انشاء مبنى مجمع الارشيف بأسم قصر الارشيف ويقع في ( كاغد خانة ) باسطانبول ويعتبر ان هذا المجمع هو نقطة البداية للتحول الكبير والتطور الواسع من كل نواحيه .

حيث يضم هذا المجمع قاعة للمؤتمرات ومعهد للابحاث ومخازن حديثة لحفظ الوثائق ومكاتب لموظفي الأرشيف ومرافق للخدمات الاجتماعية والثقافية وكذالك يضم لمعرض يتم العرض فيه بعض المواد الارشيفية من الوثائق النادرة مثل وثائق عن الأرشيف العثماني والفرمانات والبراءات ونماذج لخطوط السلاطين التي تحوي على الطغراء وبعض الوقفيات والاوسمة والمداليات وكذالك للنقود الورقية ووثائق لبعض النماذج من اوراق وزارة الخارجية العثمانية والمراسلات مع الدول الاجنبية والكثير من هذه المادة الارشيفية التي تعرض في القاعة حيث يمكن للزائر المشاهد الاطلاع عليها عن قرب .



ولاشك ان ارشيف تركيا يعتبر اغنى الدور في العالم من كل نواحي الحياة التي تم ذكرها مسبقا وهذا التراث التاريخي الضخم التي ورثته من الدولة العلية العثمانية في حكومة آل عثمان على مدى قرون . فالارشيف كان موجود في زمن الدولة العثمانية منذ أول تاسيسها لحد سقوطها وحافظت على ملايين الوثائق والسجلات والدفاتر وعنت عناية فائقة في هذا الارشيف من ناحية ارشفتها وتصنيفها خلال تدوين الحواث اليومية .
حيث ان دولة تركيا عنت عناية فائقة لهذه المادة الارشيفية والذي يعتبر موروثها التاريخي
عن الدولة العثمانية والتي حكمت مساحة واسعة لثلاث قارات وتحت نفوذها العديد من الامم والشعوب والتي تأتمر بأمرتها من خلال اوامرها وقراراتها ورسائلها التي ترسل لحكام من ولتهم على تلك الدول .

واليوم يهتم الكثير من هذه الدول وبالاخص من الباحثين والمؤرخين وطلاب العلم لحاجتهم بالاستعانة لهذه الوثائق والسجلات الموجودة في الارشيف العثماني المحفوظ بدار الوثائق التابعة لرئاسة الوزراء في الجمهورية التركية .


السيد باسل عبدالرزاق الحسيني
رئيس الاكاديمية الدولية للوثائق والمخطوطات وعلم الانساب