صورة التدوينة

الانتحار ظاهرة إنسانية عامة صاحبت الوجود البشري منذ أن خلق الله البشرية وحتى يومنا هذا، ولقد شهد العالم ــــ ولا يزال ــــ اهتماماً بالغاً بهذه الظاهرة، نظراً لزيادتها وبشكل مُطرد، حيث تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أنه هناك ٨٠٠ ألف شخص يضعون حد لحياتهم كل عام تقريبًا، ورغم أن الانتحار ظاهر إنسانية قديمة قدم الوجود البشري، ورغم تزايد معدلات الانتحار في شتى أنحاء العالم خاصة في العقدين الأخيرين، إلا أن التاريخ العلمي لتناول موضوع الانتحار قصير بل ومحدود خاصة في الدول العربية ففي كثير من دول العالم، نجد أن البحث العلمي في الانتحار محدود بل أن مجرد الحديث في الانتحار قد يكون من المحرمات لما يحيط بهذا الموضوع من غموض وأسرار ومشاعر وانفعالات ولما له من حساسية اجتماعية ودينية وما يلحق بأسرة المنتحر من مشاعر الخجل والخزي والوحدة النفسية بل ووصمة العار وحظيت أخيراً ظاهرة الانتحار باهتمام واسع، ودراسات معمقة في المجتمعات الغربية لاتساع حجمها، بما يتوافق مع أشكال التغير الذي أحدثته الثورة الصناعية ، والحركة الفكرية، وما شكّله الانتحار من مشاكل اجتماعية في تلك المجتمعات، ونظرا لتنامي وانتشار هذه الظاهرة السلوكية الخطيرة.
ويعد الانتحار من المشكلات الخطيرة التي تهدد المجتمع وتماسكه؛ لأنها تؤدي إلى فقدانه لبعض أفراده، كما أنها تعد وفي كثير من الأحيان مؤشراً على تفكك المجتمع وتمثل فشلاً فردياً وجماعياً في التكيف مع المعايير والقيم والضوابط الاجتماعية؛ لذلك تسعي الخدمة الاجتماعية إلى تقديم المزيد من الرعاية الاجتماعية والنفسية لوقاية المجتمع من العوامل والأسباب المؤدية الي الانتحار والحد من الميول الانتحارية وتعديل الافكار والمعتقدات الخاطئة المرتبطة بهذه الظاهرة, وقد استهدف هذا الكتاب الوقوف على ظاهرة الانتحار وآليات ممارسة الخدمة الاجتماعية في التعامل مع مشكلة وقد تضمن هذا الكتاب خمسة فصول على النحو التالي:
الفصل الأول تناول مقدمة نظرية في تفسير السلوك الانتحاري ودافعه خلال ماهية الانتحار والمفاهيم المرتبطة به، أقسام وأنواع الانتحار، وحقائق وارقام عن ظاهرة الانتحار، العوامل المؤدية لها والعلامات والدلائل المنذرة بخطر الشروع في الانتحار، والنظريات المفسرة له.
وتناول الفصل الثاني: دور الخدمة الاجتماعية في التعامل مع السلوك الانتحاري من خلال عرض دور المدخل الوقائي في التعامل مع مشكلة الانتحار والمداخل العلاجية والاستراتيجيات والاساليب العلاجية في خدمة الفرد للتعامل مع السلوك الانتحاري.
تضمن الفصل الثالث: آليات طريقة خدمة الفرد في التعامل مع مشكلة الانتحار وتضمن هذا الفصل آليات طريقة خدمة الفرد في التعامل مع مشكلة الانتحار ومهارات أخصائي خدمة الفرد والنماذج والمداخل العلاجية ودور الاخصائي الاجتماعي في التعامل مع السلوك الانتحاري.
وتضمن الفضل الرابع: العوامل والأسباب المؤدية السلوك الانتحاري من خلال عرض البحوث والدراسات العالمية والمحلية المرتبطة العوامل والأسباب المؤدية السلوك الانتحاري والتي تمثل في العوامل والأسباب الاقتصادية والعوامل والأسباب النفسية والعوامل والأسباب الأسرية، والعوامل والأسباب الاجتماعية، والعوامل والأسباب الاعلامية والاتصالية، والعوامل والأسباب الصحية، والعوامل والأسباب الدراسية، والعوامل والأسباب الدينية المؤدية للسلوك الانتحاري.
وضمن الفصل الخامس: دور خدمة الفرد في الوقاية من السلوك الانتحاري من خلال عرض البحوث والدراسات العالمية والمحلية المرتبطة بدور خدمة الفرد في الوقاية من السلوك الانتحاري والتي تضمنت العديد من مجالات الممارسة المهنية ومن أهم هذه المجالات المجال الصحة العامة ومجال رعاية المسنين والمجال المدرسي، ودور خدمة الفرد في الوقاية من الانتحار في المناطق المهمشة، ودور خدمة الفرد في وقاية شباب الاقليات من الانتحار، ودور خدمة الفرد في وقاية طلاب الجامعة من الانتحار.
واخيراً الفصل السادس: ممارسة خدمة الفرد في التعامل مع السلوك الانتحاري من خلال عرض البحوث والدراسات العالمية والمحلية المرتبط ممارسة خدمة الفرد في التعامل مع السلوك الانتحاري والتي تضمنت المداخل العلاجية في خدمة الفرد والتي تمثلت في العلاج النفسي الاجتماعي، والعلاج السلوكي والعلاج المعرفي والعلاج المعرفي السلوكي والعلاج الاسري، والعلاج لإكلينيكي والعلاج بالتركيز على العميل والمدخل الروحي في خدمة الفرد.
وفي النهاية أدعو الله تعالي أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالي، وان أكون موفقا في تقديم ما يحقق الفائدة والنفع للقاري الكريم وزملائي الأخصائيين الاجتماعيين في ممارستهم المهنية للخدمة الاجتماعية في مجالات العمل الاجتماعي، راجياً من الله السميع العليم أن اكون قد وفقت في إعداد وتقديم وعرض محتويات هذا الكتاب لآليات ممارسة الخدمة الاجتماعية في التعامل مع مشكلة الانتحار ملتزماً بقواعد البحث العلمي في الرجوع للبحوث والدراسات السابقة العالمية والمحلية المرتبطة بموضوع الدراسة والرجوع إلى التراث النظري في الخدمة الاجتماعية بصفة عامة وخدمة الفرد بصفة خاصة.
وفي هذا المقام لا يفوتني ان أتقدم بخالص شكري وتقديري إلى أساتذتي الاجلاء في الخدمة الاجتماعية الذي تعلمت منهم الكثير والكثير وما زلت اتعلم في محراب علمهم الفياض ومن أبحاثهم وكتاباتهم ومؤلفاتهم العلمية فلهم مني كل الشكر والتقدير كما انني اتوجه باسمي آيات الشكر والتقدير للسادة الاساتذة أعضاء اللجنة الدائمة لترقية الاساتذة في الخدمة الاجتماعية على توجيههم لإعداد بحث مرجعي مرتبط بهذا الموضوع والذي استفدت منها كثير فبارك الله فيهم وجزاهم الله عني خير الجزاء، واخير أدعو الله تعالي أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى وان يحقق الهدف منه