منصة إيفاد العلمية
تدوينات أ.د/ منى محمود عبد الجليل- أستاذ ورئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام بنات بجامعة الأزهر- مصر
صورة التدوينة
العلاقات العامة في عصر الذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات
أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من العديد من المجالات، بما في ذلك مجال العلاقات العامة (PR)، حيث يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرات كبيرة في عملية جمع المعلومات وتحليلها بسرعة وسهولة، والقدرة على التنبؤ بالسلوك الإنساني، ولا شك ان هذه الصفات توفر الوقت والجهد، وترفع كفاءة جميع الوظائف المتعلقة بمجال العلاقات العامة.
فمن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد ممارسي العلاقات العامة على فهم احتياجات الجمهور المستهدف وتوقع اتجاهاته من خلال استخدام تقنيات التعلم الآلي (ML) ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات الصحفية والتعليقات عبر الإنترنت لتحديد المشاعر والاتجاهات السائدة.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أدوات الجدولة التلقائية، والردود الذكية، وتحليل الأداء، كما تساعد الروبوتات الذكية، مثل الشات بوتس (Chatbots) في التفاعل مع الجمهور على مدار الساعة مما يزيد من كفاءة التواصل ويعزز من تجربة المستخدم، كما إن الذكاء الاصطناعي يسهم فى أتمتة المهام الروتينية مثل كتابة البيانات الصحفية، وإعداد التقارير، ومتابعة الأخبار ذات الصلة، هذه الأتمتة توفر الوقت والجهد للمحترفين، وتتيح لهم التركيز على المهام الاستراتيجية.
‏ وفي ذات السياق فإنه يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مسؤولي العلاقات العامة فى وضع استراتيجيات اتصالية تفاعلية بناءً على تفضيلات الجمهور وتحليل البيانات، كما يمكن استخدام الخوارزميات لتحليل سلوك الجمهور وتوقع استجابتهم للحملات الإعلامية المختلفة، مما يساعد في توجيه الجهود التسويقية بفعالية أكبر.
*وعلى الرغم من الفوائد العديدة للزكاء الاصطناعي، فإن هناك العديد من التحديات التي تتعلق باستخدامه في مجال العلاقات العامة، حيث يتطلب الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا مراعاة التحديات الأخلاقية والتقنية المرتبطة بها لضمان تحقيق الفوائد القصوى مع تقليل المخاطر المحتملة، كما ‏ان قدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الانتشار بشكل كبير في كافة المجالات خلال السنوات القليلة الماضية أدى الى تخوف البعض من أنها سوف تحل محل التفاعل البشري! وعلى الرغم من أن هذا الأمر لازال محل شك إلا إنه ينبغي على ممارسي العلاقات العامة تحصين أنفسهم بالمعرفة والتدريب من خلال تعلم كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وتعلم كيفية تطور تلك التكنولوجيا وقدراتها وإمكاناتها، من أجل تحسين بيئة العمل وتطوير مهاراتهم، وايضا للحفاظ على مكانتهم في قيادة العمل والتوجيه.
وتعد الإشكالية الحقيقية أمام دمج الذكاء الصناعي بعمل العلاقات العامة في العالم العربي هو أن أغلب المؤسسات- خاصة الحكومية- لا زالت تعاني من نقص في الكوادر المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما إن الإدارة العليا للمؤسسات لم تدرك بعد أهمية علم البيانات والذكاء الاصطناعي في ظل غياب قوانين تتعلق بجمع البيانات واستخدامها وخصوصيتها.
وقد نفت نتائج العديد من الدراسات العلمية حاجة ممارسي العلاقات العامة إلى ان يصبحوا خبراء تقنيين، وأكدت على ضروره الفهم الكافي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي الحالية والمستقبلية، بينما نرى أنه ما زال من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات مؤكدة حول التأثيرات المستقبلية للذكاء الاصطناعي على مهنة العلاقات العامة.
‏ ويرى البعض ان استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة سيشكل أيضا تحديا كبيرا لأقسام العلاقات العامة والإعلام الرقمى، إذ يتطلب الأمر إعادة هيكلة المقررات الدراسية لتزويد الطلاب بمجموعة من المعارف والمهارات الجديدة اللازمة لمواجهة متطلبات سوق العمل في عصر جديد يقوده الذكاء الاصطناعي.
‏** وختاما يمكننا القول إنه من الواجب على ممارسي العلاقات العامة في العصر الحديث أن ينظروا إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداة مساعدة ومفيدة، يمكن أن تختصر الوقت وتسرًع الإجراءات بسهولة ودقة، ولكنها لن تؤثر على وجودهم حيث ستساعدهم في تأدية مهام المؤسسة ومسؤولياتها فى تناغم واتساق، الأمر الذي سيؤدي إلى توفير مساحات كبيرة من الوقت للتركيز على تطوير وتنفيذ خطة عمل فاعلة وضمان استمراريتها، للوصول إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكلية للمؤسسة.
صورة التدوينة
العلاقات العامة في المؤسسات المعاصرة: الرؤية والأهداف
تعتبر العلاقات العامة أحد وظائف الإدارة في المؤسسات المعاصرة فهي تؤدي دورا مهما في صنع وتحسين صورة المؤسسة وبناء علاقات جيدة ومستدامة مع الجمهور ‏بما في ذلك العملاء والموظفين والمستثمرين ووسائل الإعلام والمجتمع العام؛ وتتلخص الأهداف الأساسية لإدارة العلاقات العامة داخل المؤسسات فيما يلي:
1. تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة لدى الجماهير:
ان بناء صورة إيجابية للمؤسسة في أذهان الجمهور يعد أحد الأهداف الرئيسة للعلاقات العامة، وتُعتبر الصورة العامة للمؤسسة مهمة لأنها تؤثر بشكل كبير على كيفية تعامل الجمهور معها، لذا فإن إدارة العلاقات العامة تعمل على صياغة رسائل اتصالية تُبرز قيم المؤسسة وإنجازاتها، وتعزز من مكانتها في السوق.
2. تعزيز العلاقة مع وسائل الإعلام التقليدية والجديدة:
تُعد العلاقات مع وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الجديدة أحد الأعمدة الأساسية في العلاقات العامة، حيث تسعى المؤسسات المعاصرة إلى بناء علاقات قوية ومستدامة مع المؤثرين في وسائل الإعلام المختلفة لضمان التغطية الإيجابية لأنشطتها وأخبارها، مما يُسهم في تعزيز الوعي بالمؤسسة وزيادة مصداقيتها لدى الجمهور.
3. إدارة الأزمات:
كلما تطور المجتمع وزاد تعقده وتشابكه كلما زادت الأزمات وباتت أمرا لا مفر منه سواء على مستوى الفرد أو المنظمات، لذا تعتبر إدارة الأزمات والقدرة على التعامل معها بفاعلية من الاهداف الرئيسة لوظيفة العلاقات العامة، وتتضمن هذه العملية التخطيط المسبق للتعامل مع الأزمات، وتطوير استراتيجيات للتواصل الفعّال مع الجمهور عند حدوثها، بهدف تقليل الضرر على سمعة المؤسسة والحفاظ على ثقة الجمهور.
4. تعزيز الولاء والثقة بين الموظفين:
إن إدارة العلاقات العامة لا تركز فقط على الجمهور الخارجي؛ بل من الأهداف المهمة للعلاقات العامة تعزيز الولاء والثقة بين الجمهور الداخلي من خلال وضع برامج الاتصال التنظيمى، بما يضمن تعزيز الثقة والانتماء للمنظمة لدى أعضاء الجمهور الداخلي.
٥. تحقيق التفاعل الإيجابي مع الجمهورالخارجى:
في عصر الاتصال الرقمي، أصبح التفاعل مع الجمهور أكثر أهمية من أي وقت مضىى لذا فإن العلاقات العامة تهدف دائما إلى تحقيق تواصل مباشر وإيجابي مع الجمهور من خلال منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من القنوات الرقمية، وهذا التفاعل يساعد في بناء علاقات أقوى مع الجمهور المستهدف، وزيادة التفاعل مع العلامة التجارية.
٦. تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR)
إن الاهتمام بتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات أصبحت في الوقت الحالي هدفًا رئيسًا للعلاقات العامة، فالمؤسسات المعاصرة أدركت أن مساهمتها في المجتمع وخدمة البيئة تعزز من سمعتها وتجذب المزيد من الدعم من الجمهور، لذا يعمل ‏مسؤولوا العلاقات العامة على تطوير وتنفيذ استراتيجيات CSR التي تعكس التزام المؤسسة بالمسؤولية الاجتماعية.
7. تعزيز السمعة المؤسسية وحمايتها:
تمثل سمعة المؤسسة الوضع الاجتماعي لها، ومقدار القوة والجودة والقيمة التي يمكن أن تعزى إليها، ولا شك أن العلاقات العامة تؤدي دورا مهما في تعزيز وحماية هذه السمعة من خلال التواصل الفعّال مع الجمهور، وإدارة الصورة الذهنية للمؤسسة بهدف بناء سمعة قوية ومستدامة.
‏** في النهاية نستطيع أن نقول إن مهنة العلاقات العامة تؤدي دورا أساسيا في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسات المعاصرة من خلال بناء سمعة المؤسسة وتحسين صورتها الذهنية وخلق التواصل الفعال مع الجماهير الداخلية والخارجية.